![]() |
|
التسجيل | قوانين المنتدى | استرجاع كلمة المرور | قائمة الأعضاء | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
عالم الأدب شاركنا إبداعك |
|
|
أدوات الموضوع |
![]() |
#1 | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
![]()
|
![]() من تحت الركام ؟! كتبها : أحمد كمال برق يخطف الأبصار . رعد يصم الآذان . ظلام دامس . ثبات عميق . لا أدري كم من الزمن مكثت في الظلام ؟! وإلى متى سوف أبقى في ثبات ؟أسئلة أطرحها منذ قديم الزمان ولم أجد لها أي جواب . عبرت إلى أذني دمدمت محركات ، وزلزلت أقدام ، فاستبشرت خيراً ورحت أصيح ، وأصيح ، مستغيثاً تارة ، وتارة متوسلاً ، ولكن بلا جواب ، فرحت أتلوى بجسدي الهزيل ، لأخرج من بين الركام . وبعد شقاء وعناء ، انسلخ جلد جسدي وسط الركام ، وتحررت من أسري ، وبدأت أصعد إلى الأعلى ، والضوء المريض يتسلل إلى عبر نفق مظلم يملأه الحطام ، بصرت عيني ، واستبشرت روحي ، ورحت أزحف نحو الآمال ، حتى برأت رأسي من تحت الركام . نظرت حولي بإعياء ، وأنا أكاد لا أرى إلا أشباح ، ولا أسمع إلاطقطة البنادق ، وهدير المدرعات ، وأزيز الطائرات . ولمع في ذهني بريق الذكريات ، كنت جالساً وسط أهلي ، في بيتي الذي يحيط به بستان ، وتطل شرفته على مسرى سيد البشرية ، وأري من غرفة نومي قبة المعراج ، لكن أين بيتي ؟ ماذا حدث لأهلي ؟ وكيف أشجار الزيتون ؟ ومن هؤلاء الأشرار . وإذا برافعة جرافة توشك أن تطيح برأسي ، وأنا أصيح في هياج : - توقف أيها السائق إنني لا زلت على قيد الحياة !! فساد صمت ، فسكون تام ، واحتشد الجميع من حولي يتأملونني كأنني شيء هام ، ثم تبادلوا نظرات الدهشة والاستغراب وإذا بقائدهم يسألني بصوت كعواء الذئاب : - كيف بقيت إلى الآن على قيد الحياة ؟! فرفعت رأسي إلى السماء ، ثم رنوت إليه ببصري قائلاً : - لقد نكب بيتي بالأمس ، وينجي من يشاء !! سرت دهشة عظيمة بين العقول ، والأذهان حتى عاد قائدهم يسأل بصوت الذئاب : - أتدعي أنك هنا منذ الأمس ، ألا ترى ما حولك من متغيرات ؟! فدرت برأسي والألم يعتصرني بلا رحمة ، وأنا أتفاجأ بما قال ، بيتي غير موجود ، ولا بيوت كانت حوله ، وبستان الزيتون ذهب وصار بستان من الدماء ، عشرات البيوت الشاحبة أتت مع الأشرار . فصرخت وأنا أنفجر من الغيظ قائلاً : - ماذا فعلتم بأرض الرباط ؟ أين ذهب أهلي أيها الأوغاد ؟ وماذا حل بأشجار الزيتون يا أشرار ؟ فانحنى القائد ودنا برأسه من أذني هامساً : - الأرض لنا بالميعاد !! وأهلك تجدهم بين راقد تحت الثرى ، أو مشتت في الأمصار ، وأشجار زيتونك أحرقناها لنعيد حضارة شعب مختار . وعاد منتصباً وهو يصيح في سائق الجرافة قائلاً : - اسحقه يا فتى ولا تترك منه يوماً واحداً ؟! وراح سائق الجرافة يعتدل بجرا فته ليسحقني ، ورحت أقاوم بكل ما أوتيت من ميراث ، وما كادت رافعة الجرافة تدهسني حتى تحررت من بين الركام ، ورحت أتدحرج نحو لا شيء ، حتى أنجو من موت لا مستحق ، وعلى يد جماعة من الأشرار ، وبالرغم من كل الآلام وقفت ، وانتصبت هامتي وعلت إلى السماء ، وأنا أصيح في غضب : - هيا ارحلوا مع من رحلوا ، ولا تعودوا مرة أخرى لهذه الديار !! إستشاط القائد غضباً ، وهو يرى الجسد الذي ظن إنه ميت ، لا تزال فيه الحياة ، ووميض الذكريات التي بداخلي ، صارت وهجاً أحرق كل آمالهم في البقاء ، فصرخ بصوت الذئاب قائلاً : - اقتلوه ، انسفوه ، لا أريد حتى ذكراه ؟! فتدافعت نحوي عشرات الجنود المدججة بالسلاح ، وعشرات الدبابات الوحشية بزمجرة العنفوان ، وعشرات الطائرات الحربية بأزيز الكبرياء ، وراحت الطلقات ، والقذائف ، والصواريخ تلاحقني ، ورحت أركض نحو لا شيء وأنا أتطلع إلى السماء متمتاً : - يا ربي درع وسيف واستشهاد وتفتق جسدي الهزيل ، بدرع من حديد ، ما أدركته إلا بثقل حركتي ، وغصن زيتون يابس مهمل على الأرض ينجذب إلى يدي سيف مسلولاً، جامحاً ، وينبعث من بين التراب حصان أبيض تحيط به الدروع من كل جانب ، اقترب ، وحنا رأسه ، ثم جثا على ركبتيه لأمتطيه ، وانطلق نحو الأفق يطوي الأرض وأنا أظنه غوي شارداً ، فإذا به بعيداً ، بعيداً ، من تحت الشمس ، يغازل الأرض بحافره ، ثم راح يركض سريعاً ، وصهيله يملأ الآفاق ، متجهاً نحو المعركة ، وأنا أتمنى رمحاً فيأتيني ، فأرم به طائرة فتتحول إلى أشلاء ، وأتمنى قوساً وأسهماً ، فتأتيني وأرم بها الدبابات فتتحول إلى فتات ، وما أن اقتربت من الالتحام ، حتى وجدت كل ذرات تراب الديار من خلفي ينبعث منها فارس يرتدي درعاً ويمسك سيفاً ، ويمتطي جواد ، وراح الأوغاد يفرون في كل واد ، ونحن نقتلهم بلا هوادة ، وأنا أبحث عن قائدهم حتى وجدته يتحول إلى أفعى لها خمسين رأساً ونيف ، تطوحنا بذيلها ، وتسممنا بأنيابها ، فتكاتفنا جميعاً ، وأحطنا بها ، فتشتت جهدها ، وراحت تتلقى ضربات قاتلة على الأعناق ، حتى هوت وسقطت على الأرض بلا حراك . وانتهت المعركة بنصر ساحقاً لا لبس فيه ، وانطلقت والجيش من خلفي، أحمل راية لا كونية ، إيذاناً بانتهاء آلام البشرية . انتهى
|
![]()
|
|